Tuesday, May 31, 2005

مؤيد محسن: اطياف التامل

استوقفتني لوحات الفنان مؤيد محسن كثيرا وحفزتني على التامل والتفكير في مهارة هذا الفنان في استخدام الفرشاة واختيار الالوان والموضوعات، وكذلك استخراج المعاني العالية ذات الحساسية الموحية للجدل والعميقة الجذور في الماضي دون نسيات الحاضر واستشفاف المستقبل..
و مؤيد محسن فنان نابه ذو جذور عميقة في التاريخ، ويحاول ايجاد المعادل الموضوعي في الربط بين الموروث القديم واستنطاق الواقع المعاصر مع الوخز في الذاكرة الحساسة لايقاظ جدل في واقع المستقبل القادم.. ومؤيد في كل هذا فنان واع لما يفعل وما يرمي اليه من رموز والوان، فتشكل لديه اللوحة قيمة ابداعية عالية ذات ايقاع مؤثر في النفس بارتقائه الى القمم.. ذلك نابع في اعتقادي من تشبع الفنان بالثقافة الوطنية المحلية القديمة والمعاصرة، هذا اذا علمنا ان (مؤيد) من مواليد الحلة (1964) حيث الرموز السومرية والاثار البابلية بارزة في لوحاته وتكاد تكون سمة مميزة له في هذا المزج او الخلط.. وكل هذا يدل على قدرة ابداعية وموهبة فريدة يمتاز بها هذا الفنان.. وفي الابداع يقول الكاتب عبد الرحمن منيف (فالابداع منذ ان بدا، ويفترض الى الان، يقع بين الطفولة والنبوة، لان دافعه بالدرجة الاولى الصدق والخيال، ولذلك لايحسب حسابا كبيرا للمواصفات والرتب والثروة والثورة، لانه مشاكس، يقول الاشياء بطريقة الاطفال وباعتقاد الانبياء، دون ان يهتم كثيرا بالنتائج.. يعيش على اطراف الحلم في استشرافه المستقبل معتبرا ان الذي لايتحقق ناتج عن ضعف الارادة اكثر مما هو بسب الامكانية كما ان مايحركه الجمال وروح العدالة والا فالعالم يكون شديد القسوة والقتامة ويفتقر الى العدالة والمنطق وبالتالي لايمكن ان يستمر اذا ظل هكذا).. ويقول منيف ايضا: (الفن المبدع لايصل حالة الانفجار الكبرى فجاة لانه يعيش حالة الانفجار في كل لحظة وتوقفه يعني غيابه عن افق المستقبل.. وهكذا يكون الابداع رحلة اكتشاف دائمة وبحثا مستمرا وايضا طريقة في فهم العالم ثم اعادة التوازن له من خلال التقد وطرح الاسئلة).. والان نبدا ونسال هل كان مؤيد محسن يعاني طفولة قاسية؟ فمن ذا الذي قتل براءته؟ طفولة الاشياء ونقد الحياة.. وتهشيم الجسم والحب وكثير من الالوان الحلوة الجميلة.. ومؤيد يجسد كل ما هو مالوف وغير مالوف في سمفونية موسيقية تتجه بانفعال نحو مسيرة تكاملية لاتنقصها الجراءة وتوضيح الحقائق الناصعة بريشة فنان يمتلك كل ادوات الحرفة بمهارة ويمضي غير ابه لما يجول في خاطرك او لايجول.. يحلو لك ام لا، انه يتحدى الزمن الماضي في صورة جرة سومرية مثقوبة وعلاقة حب يشوبها الجمود وتنقصها الروح.. ويشوبها النفاق وعدم التكامل في مسيرة حياتية طويلة عبر الازمان فكان يجدر ان يكون التوازن هو النموذج الامثل ولكن وسط الاجواء المليئة بالتناقض فهناك كرسي الرئاسة ملطخ بالدماء وتسيل من جوانبه ذلك ان السلطة كانت دائما محاطة بالصراع وفرض ارادة القوة محل العقل والمنطق..
ان مؤيد محسن فنان ذكي مشحون بالافكار وتسكنه هواجس وكوابيس الزمن وتعقيداته ومحمل بالتراث ومساحاته العريضة، ويرفض حبس افكاره في اطار من التحديدات المعيقة نحو الانطلاق في الحاضر بجميع مدلولاته المحبطة للامال دون نسيان ارادة التجاوز والتحليق في فضاءات تشجع تغذية السير نحو المستقبل وكاءن في داخل مؤيد مقولة همنغواي تنطلق وتذكره (قد يتحطم الانسان ولكنه لايقهر)..
احمد لفته علي، جريدة التاخي، العدد-4042، الخميس 31 تموز 2003

1 comment:

Unknown said...

انتضار الملهوف ملكة الحضر بانتظار سنطرق عله يعود ..