Tuesday, May 31, 2005

مؤيد محسن.. الغرائبية.. والواقعية المختلفة

في محاولة منه لتهشيم بنيات الواقع والغاء تراتيبيته ونمطيته المالوفة، يجتهد الفنان مؤيد محسن في اعماله الجديدة لخلق غرائبية.. واقعية مختلفة!! نستطيع ان نطلق عليها او نسميها غرائبيته او نمطه الخاص، وهو بهذا الاشتغال والمسعى يتماهى مع تجارب فنية معروفة لها مساحة من الحضور الجمالي الراسخ.. فسريالية مؤيد محسن تمسك بك ولاتدعك تغادر مناطق انشغالاتها وحدودها الا وفق احتمالات الانبهار والاندهاش والرغبة في الكشف عن مكنونات ومكونات تفاصيل التجربة وتجلياتها المعبرة عن ذات انسانية متوقدة، بانه لهمومها المتاصلة في فضاء مشع من عذابات الوحدة وغيابات الامل وانهيار الحلم، ولذا فان شخوص مؤيد محسن غالبا ما تنبثق وتتسيد السطح التصويري للوحة بلا ملامح موحية او رؤوس مثيرة الى ادمية واضحة القسمات.. فهوية شخوصه غائمة لاعلامات تدل عليها او توميء لها، وهي بهذه التصورات موزعة متشظية في عالم فسيح من الخطوط المتشابكة، ونستطيع ان نطلق على اعمال هذا المبدع تسمية مشاكسة لها تجاورها مع ماهي عليه فهي، صوفيات عراقية معاصرة، باعتبارها تستحلب معطياتها من واقع مكاني محاصر بفعل مؤثرات ضاغطة-داخل، خارج.. ولنا ان ندقق في تفاصيل لوحته، انتظار خارج المدينة-زيت على القماش-قياس 1 × 2.5، لنجد ان ادم مؤيد محسن يقف بلا راس الى جانب حوائه وقد اخترقت اسطوانة عمودية من اعلاه لتغيب ملامحه، وليصبح، ثيمة، ذات محمولات دلالية عالية الافصاح عن جوهرها، كاشفة لرؤية الفنان ونظرته الى موجودات واقعه المهشم.. لقد انجز مؤيد محسن هذه اللوحة وبقية شقيقاتها بتقنية متقدمة وبقدرة ومهارة لونية تشير الى تفرد جمالي وتزييني واضح، اماى لوحته الاخرى، انتظار في اخر المدينة-2، زيت على القماش-قياس 1 × 2.5 م، فهي متممة بموضوعها لانتظاره الاول على الرغم من اختلاف وقفي ادم وحواء في سطحها الذي تميل الوانه الى الغروب المؤثث بتفاصيل صغيرة تعين اللوحة ايصالها المعنى الى العين المبصرة وباستجابة مقنعة، اما، عودة الطيور-زيت على القماش قياس-1 × 2.5، فهي لوحة تشتغل في منطقة متشظية من معطيات التجربة الانسانية الراهنة، فعود مؤيد محسن مازال قائما على ارض المقبرة المتخيلة، والتي اصبحت ملاذا امنا للطيور واللقى والطرائد المحاصرة. بمعنى ان الامان لايتوفر الا في الاماكن المقفرة والموحشة والمهجورة، وهي بهذا التناغم المتحرك المنشي بقدرة الفنان ومهارته في ترويض مفردات الواقع، وجعلها محتشدة في امكنة لايرتادها الا الندابون والسحرة والهاربون من مطتردة الهواجس والانتظارات والغيابات وملاحقة النفس المازومة.. وعلى اية حال ان تجربة الفنان مؤيد محسن ذات ثراء دلالي مشحون بقوة التعبير المنبثقة عن رؤية فنية متحققة في اصالتها وافاق تفردها وغناها، مستمدة مفرداتها من ارضية تزخر بكل ما يحرص على الفعل المبدع الخلاق، ولاشك ان فنانا كمؤيد محسن يستطيع ان يمنحنا متعة دائمة بفعل وعيه التشكيلي والحياتي معا، فلقد صقلته تجربة سنوات طويلة من الحرمانات والمواجع والحصارات الغاشمة، وربما يجيء الوقت الذي نجد فيه اصابعنا كلها تشير باعتزاز الى منجزه المتحقق رغم قسوة الوقائع وغرابة الاحتمالات فاصالته كفيلة برفع نسبة الامل ومثابرته وعنايته وغرائبيته ما يجعلنا نراهن عليه وعليها ونراقبهما معا ونحتفي بتالقه فهو فنان قدير ومتمكن ومنسجم مع ذاته ورؤيته للواقع وللحياة وللناس.
شكر حاجم الصالحي، جريدة القادسية، العدد-7152، الاثنين 21 ايار 2001

2 comments:

Unknown said...

عنوان فلم تاريخي

Unknown said...

محطة بابل مشاكسة عاشقان من سومر بانتضار قطار قادم من اشور ..