Monday, May 30, 2005

مؤيد محسن.. فنان ينظر الى الكون بعيني صقر

ان تكون هناك مسافة قصية بين الفن والانسان.. بين الفن كموقف والانسان كقضية، مسالة لاتفاجيء احدا.. ولان الفنان يعيش مثل هذه الحقيقة احيانا قد لايتعامل مع نفسه ومع كل مفردات نتاجه الابداعية الا على هذا الاساس.. قد نمر بعالم الطفولة الساحرة فنراها انها لاتعني هنا ان يكون الانسان صغير السن، انما الطفولة هي الصفاء والطيبة والعفوية والطموحات التي لايتوقف عطائها الانساني عند حد ابدا.. والتي تاخذ طريقها امام الانسان في خط بياني متصاعد.. قد يكون التعامل مع مؤيد محسن.. خطرا.. مخيفا.. لكن هذه المسالة ربما تقودنا الى قدر كبير من الاعتقاد بان اغلب التعقيدات التي يواجهها الفن في هذه المرحلة الصعبة حيث تكمن كل دواليب الحصار القذرة انما هي فعاليات انسانية تتجه باجمعها نحو حياتنا الجديدة الاتية.. ولان مؤيد محسن.. هذا الفنان الجاد، وريث تراث انساني هائل فانخ وفي جل اعماله يحاول ان يكشف عن اوراقه المهمة التي تقدر على ان تدلنا على كل مراحل الغموض فيها.. بيد ان،مؤيد، وفي كل الاتجاهات يحاول جاهدا ان يجعل فنه، السوريالي، مجرد مرءاة لذات تتوخى الصدق والاحساس بدور الفن في تاملات الانسان المعاصر.. ان مؤيد هنا هو وريث التاريخ الرافديني.. وريث الاسطورة البابلية الفريدة.. وريث حكايات المجد المؤثل على ارض العراق.. انه يحاصر نفسه بالحتميات المعقولة واللامعقولة.. ان الفنان لايخضع للخوف بقدر مايخضع لتراكمات الانسان في داخله.. انه يضع ذهنيته لصالح انتاجه الفني، بل هو يستمد مقوماته الظرفية والمرحلية من يقين مرحلته هو.. ومن يقينه هو بالذات.. وكلما امتدت الجسور بينه وبين الثورة الكلية كفعالية اخلاقية وكهيكل متفرد، كلما اصطفى جذور بيئته واستوعب خصائص تاريخه الذي هو تاريخ وطنه بالذات.. ان نتوفر على دراسة دقيقة لاعمال،مؤيد محسن، يعني ان نضع في موضع الاعتبار كل الظروف المحلية لها انطلاقا من فهمنا لمفردات اسلوبه: الكلاسيكي-السوريالي-الرمزي-التعبيري المجرد والمتجدد.. وانطلاقا من ادراكنا لشخصية، مؤيد محسن، التي لم تخل مطلقا ورغم، هوسه التشكيلي، من التاكيد على انه مسؤول عن كل ما جرى ويجري حوله.. ان فن، مؤيد محسن، ليس فنا سورياليا بحتا بالمعاني العادية.. ولكنه ياتي في كل الاوقات مشحونا بطاقة وابداعية هائلة ياتي مشحونا بفاعلية، مؤيد، الذهنية ترى: من ذا الذي لايرى تكتسب لونها الخاص والتي ايضا تكتسب توقدها الغامض..؟ ان اعمال، مؤيد، بالقدر الذي تطرح فيه نفسها انما تؤكد مسالة مهمة.. وهي وضع اعماله هذه ضمن جدار واحد هو رفض اية قرارات اخرى مفروضة عليه.. فنحن وبالرغم من زخم الحركة التشكيلية العراقية وتناميها المتصاعد، والتي تتسم بميل واضح نحو عالم التجريد، البحت، يجد، مؤيد محسن، نفسه يجتاز فترة مضنية تتطلب منه قلب المساحة التي ينتصب فوق اديمها الصخر.. الصلب.. واذا كان من السهل ان نتحسس الطابع الماساوي المسيطر على اجواء ومناخات واعمال هذا الفنان القادم من غياهب شجية قاتمة عبر صور القسوة والدمار والابادة الجماعية العنيفة للانسان والتي تمثلها الحضارة الهجينة.. فليس من السهل ان نقف على الابعاد الرمزية والذهنية لرموزه الرئيسية في مفردات هذه الاعمال.. هنا نتسائل: لماذا الفن..؟ ولماذا هذا الفن بالذات..؟ ولماذا اعمال مؤيد محسن..؟ ان هذا الفنا بصراحة يحاول ان يصدمنا في جملة نتاجاته الابداعية.. يصدمنا باسئلة عن الحياة التي خبرها واكتشفها وعاش جوها اللاهب هو نفسه.. ترى: هل يريد، مؤيد محسن، احداث رهبة قاسية فينا..؟ ام انه يريد ان يضعنا قبالة انسانه المروع.. المهول.. كل الحالات تضعنا امام حالة صدق يكتبها تاريخ مؤيد محسن.. كل الحالات تضعنا امام هذا العراق المحاصر بالجوع.. وبالجمال.. وبالغضب العراقي العارم.. وبالقهر.. وبكل اشكال المستحيل وجها لوجه.. كل الحالت تضعنا امام لوحة، مؤيد محسن، الاتي من عميق مسافاته البعيدة التي لاترى بالعين المجردة..
حامد الهيتي، جريدة القادسية، العدد-5994، الاثنين 22 ايار 2000

1 comment:

Unknown said...

سميراميس تحتضر هكذا ارى عنوان لهذه اللوحة