Monday, May 30, 2005

تجارب الالفية الثالثة .. مؤيد محسن: ذاكرة الغد

هل رحلت السوريالية، برحيل، دالي، ام انها مازالت نابضة بالخيال التعبيري، وبرموز تبتكر معناها؟ الفنان مؤيد محسن يذكرنا بتاريخ راسخ للخيال الذي يعيد، نقد، المرئيات، واعادة تركيبها بتشويهات جمالية مناسبة. فليس ثمة، عند مؤيد، محاولة لارضاء الذوق التقليدي، او تصوير مدائح لاعلاقة لها بالصدق الداخلي. انه ينقانا الى عوالم غير متجانسة، في الزمان وفي المكان، عبر بنية غرائبية للاشكال والمقاصد. فهو ينقلنا الى حضارة وادي الرافدين، ولحضارات اخرى، كما في لوحة سقراط،، ويصور المكان بازمنة مختلفة، فالى جانب التماثيل الاسطورية، هناك علامات لعصرنا: علامات المرور.. السكك الحديد.. الاضواء.. الخ وكل ذلك تحت سماء ملبدة بالغيوم، مكفهرة، بالغة الفنتازيا والفكاهة السوداء.. ان هذه المشاهد المسرحية والسينمائية، تروي تناقضات لاذعة وحادة.. فالرسام يعلن-كما فعل الرسام الايطالي بوش-نحن عالم غريب مشحون باللامعقول، والمناخات الكابوسية.. اننا في رحلة غيبة ينقلنا عبرها الفنان الى اومنة وحضارات ومناطق قديمة.. وكاءن الفنان يعرض لنا مارءاه-هو-لهذا الشريط من الاحداث، والقصص والاشكال الخرافية. فحرية الفنان تكمن في اعادة بناء المشاهد، جاعلا من اللرسم، غاية تفصح عن رؤية الفنان، لهذا التعارض، او عدم الرضا. لقد كان، بريتون،، منذ عشرينات القرن العشرين، بفعل فرويد، يتحدث عن التلقائية، وعن العالم الداخلي، وخفايا النفس او العقل الباطني، ويتحدث عن مشروع تحويل الداخل الى سلسلة من الصور والاعمال الفنية.. لكن الفن كان قد سبق ذلك منذ زمن بعيد.. كما جاءت تجارب فنية كامتداد يعلن عن خصائص بالغة التعقيد، في رصد المشهد التحليلي للاشياء، فالفنانون ينظرون بغضب لهذه التعارضات، دون وضع حل ممكن عدا تقديم هذا النقد الجمالي، كصرخات او اعتراضات عبر كوابيس هي مزيج من التاريخ والقصص والفوتوغراف والرموز المتداولة.. والنقد او فلسفة الفن يطالبان الفن بحل اخلاقي مباشر. ان المشاهد، في الاصل، قائمة على نقد المرئيات وقد تشكلت بذاكرة سينمائية تجميعية او تركيبية في تكوين المشهد الاخير. وقد جاءت معظم الاشكال عند مؤيد محسن مستمدة من البيئة العراقية، في الحضارة او في الواقع.. معبرة عن الم دفين.. وعن ارتباط عميق بالجذور.. ولكن هل لهذه التجارب صلة يالسوريالية، كاتجاه او كاسلوب؟ ان اعمال الفنان تعبر عن خبرة مستمدة من عدة مصادر، تمركزت في مشاهد لامعقولة.. وقد عبر باسلوب يخدم رؤية الفنان وافكاره. فقد تجنب الاتجاه التعبيري، التجريدي.. وتجنب الاتجاه الزخرفي والتزييني، وكل اتجاه له صلة بالديكور، متوقفا، وبنوع من الاناقة، عند الاسئلة. فاعماله تحمل اسئلتها.. وليس لديها-مع المشاهد-الا اثارة الخيال، وتنشيط الذاكرة.. وهذا ماكتبه الشاعر حميد سعيد في دليل المعرض، قائلا:، مؤيد محسن.. ريشة واعدة.. ولاقل، انها كنز وعود، ولست في موضع المبالغة.. هكذا احسست وانا اتامل لوحته.. هكذا احسست وانا اتامل لوحته الرائعة.. كوديا يحتضر.. ان كوديا يبعث في احتضاره وتلك سمة الحضارة العراقية الاصيلة، ان تجربة الفنان،، قاعة اينانا، تاتي مغايرة للرسم الجديد في العراق. فهي تتمثل بخطابه العالمي خارج اللغة الواحدة، لغة التجريد شبه العامة في التجارب الجديدة، فقد لخص الفنان بابداع لاحيادي ازمة الانسان عبر وعيه ومنطقه في عصر شائك.. يقدم الفنان تجربة تخص ذاكرة الغد لا كوثيقة اجتماعية او نفسية فحسب بل كاستجابة لنداء الجمال، اي الخطاب المؤجل دائما، والكامن في الخطاب الفني، الامر الذي يجعل تجربته ذات اثر لايمكن ان يكون الا جزءا من الذاكرة.. ذاكرة الغد وهي تتفحص مكوناتها في زمنها اللاحق! انه الرسم في درجة الصفر، او درجة الغليان التي توازي في الاخير درجة الانجماد.
عادل كامل، عضو رابطة الايكا، مجلة الطليعة الادبية، دار الشؤون الثقافية العامة، السنة الثانية، العدد الرابع، 2000

1 comment:

Unknown said...

على مشارف قلعة بورسيبا هكذا عنوان اللوحة